القُــــــــرفـــــة
إنجــــــــانـة وماوراءَهـــــا

AL-GHURFA - BEYOND INJANA

pad


القُــــــــرفـــــة
إنجــــــــانـة وماوراءَهـــــا

1

، أرضُ تراب مُعَقَــمٍ وعواصف تنث عطوراً حارقات
. أرضٌ من الجلد ، منفلتة ، منبـسـطة ، مرداء سـهجتها الرياح
. فراغٌ ، لا نتوء سـوى بعض الحصى ، لا شـجر ، لا تلول
. أحياناً تنهض أعمدة غبار ثم تذوي و تموت
. في الليل ثمة أضبّـة تخرج . سـاعات تظل تحدق في الأقمار
، في رطوبة الفجر تـسـتيقظ بذور نـسـيت نفـسـها منذ عصور في التراب
. لكن الـشـمس تـشـرق وتبدد الندى ، فتعود البذور الى الـسُـبات
. وهنا وهناك آثار أقدام في اتجاه الأُفق حيث الـسـراب
من أين جاؤوا ، متى ، الى أين مضوا ؟

2

. أرضٌ مـسـتويةٌ و طرق دارسـات . شـمسٌ مأخوذة بالخُضرةِ ، مُغتربة
. هنا الـسـمت و الإمتداد . هنا الجفاف الصلد مقتنص الرطوبة
. هنا الهدوء الرعوي عند الغروب ، حيث لا هاجـس للخراف غير الإجترار

3

هم هناك خلف الرابية يصيدون الضباع والغزلان . سـحابة الغبارالبارد
حملتهم الى حيث مياه الـسـراب ، الى حيث تُرسَـمُ الأرضُ
مرشـوقة بالثيل المروي في الظهيرة . مـرّوا على ظلال العصرالطويلات
بنجومهم المذهبات تاركين آثاراً متآكلات ، آثار أحذ يتهم
في التراب الهش الـسـميك . هؤلاء الرجال ، ما الذي أخذهم
من الأفرشـة البنية المارقة برشـاقة من فوهات تأريخية ؟
أي إحتفال ، أية مآدب في مـسـاء الصحراء إجتذبت دخان البنادق
الى الحجر البارد ؟ أم هي أفواه في الذاكرة ، قُدسـية البراءة ، جعلتهم
يحزنون على المرح الآفل في هذه الأرض اليباب ؛ في هذه الأرض
المتاخمة لإقليم الـسـعادة في قلوب قديمة جديدة ؛ في قلوب تتراوح
ما بين العذاب ودسـامة لحظات الـسـكون ، حبيــســـة في صيرورة
يومـيــة لاتـعـرف إلا نفــســها ؟

4

. هذه الأراضي مؤسسـات على مدارات لولبية ، بعض بقايا البحــر الغائب
، هذه الأراضي بحـرُ يباسٍ مظلل بالطباشـير ، ليس كالبحـر المقفلة خُضرته
بل بحر لاتـسـتكين على أحجار رمله نُصب سـلاحف سـمكية موتورة
تحت الـشـمس المُعمقة . هذه أنهار ليـسـت كالبحار المؤطَـرة بالـسواحل ؛
، هي أنهار بلا ضفاف ، منطفئة ، رسـوم أنهار ومياه متبددة
. مهابط رطبة تحت الصخور وفي أقنية العوسـج
وهذه ظلال صامتات بين الهضاب ، تولدهــا الشمس كل يوم ، تحيا مـرةً
، ثم تموت في المـسـاء ، تُخلي المكان لظلال أُخرى ، ضئيلة ، يافعة ، خبيئة
. يَُولّـدها سـقف النجوم الممـسـوح بالكحول المتـألق سَــواده

أنـور الـغــســانـي          3 - 3 - 1989

. القرفـة أرض جرداء خالية ذات طاقة إيحائية روحيـة هائلة تقع علي الطريق ما بين كركوك وبغداد *
تبدأ بعد إجتياز جبل حمـرين عند إنجانـة وتمتد جنوباً الى مسافة تزيد على خمسين كيلومترا وتنتهي
. عند مـشـارف الخالص الى الشمال من بعقــوبـة